-A +A
محمد المصباحي
** ما زال بعض المراجعين للدوائر الحكومية أو حتى القطاعات الخاصة مترسخا في ذهنه أن الموظف مقصر في عمله أو خدمته للآخرين، وأنه ــ كما يقال بالعامية ــ يحاول تصريف المراجعين.. رغم اجتهاد بعض الموظفين وتقديمهم خدمات مثلى للمراجع..
** وبعيدا عن الموظفين الذين رسخوا مبدأ الإهمال في نفوس المراجعين.. هناك فئة تبذل في عملها.. وتعمل باجتهاد.. وبصمت أحيانا.. فيقابل صنيعها بالإساءة والظنون..

** والحقيقة.. العالم ليس بريئا من عضال الكسل والإهمال.. في المقابل أجد من الظلم اتهام جميع الموظفين العاملين على خدمة الآخرين بالتقصير، لأن منهم المجتهد.. الذي يجد المتعة عند خدمته للآخرين.. ويعي ما يقوم به.. ويحفظ الأمانة.. ويتمتع بفطنة وسرعة بديهة وحسن تصرف.. ومع ذلك ما زلنا نضع غطاء أسود على أعيننا تجاه هؤلاء ونحاسبهم أحيانا على شيء لا يد لهم فيه.
** جرم اتهام الموظف بالإهمال يرجع لموقف حدث للمراجع مع موظف كسول، أو بسبب السمعة التي تنتشر عن الإهمال.. فيعتقد المراجع أن الموظف دائما ليس في صفه.. وأنه يؤثر الراحة على خدمته.. كما تترسخ هذه الفكرة حينما يبدي الموظف اعتذارا عن الخدمة، كونها غير متاحة له أو لأنها ليست من اختصاصه.. فينتشر إثر ذلك ثقافة التعميم الظالمة التي لا ترضخ للاستثناءات.. كما يغيب عن الأذهان أن ثمة مراجعين أكثر تقصيرا من الموظف الذي يستقبلهم..
** من نرمي التهمة عليه هو أولا وأخيرا أخي وأخوك وابن عمي وابن خالة فلان.. وهؤلاء نراهم مجتهدين دوما! وأن غيرهم ممن لا نعرفهم هم المقصرون، لكونهم لم يقدموا لنا ما يعرف بخدمة الواسطة..
** معيار إطلاق الأحكام على عمل الموظف ينبغي أن يكون وفقا لاجتهاده وحرصه وعدله وليس لقرابته أو لخدمته لنا بالواسطة أو لمجاملاته..
** يلزمنا أن نراجع تقصيرنا قبل اتهامنا لغيرنا.. وأن نعرف المجالات المتاحة لمن هو أمامنا حتى لا نظلمه.. كما ينبغي أن نستقل بآرائنا فلا نتأثر بكل ما نسمعه عن الآخرين.. بذلك فقط سنعطي كل ذي حق حقه.